حكايات مملكة الصمت...قتلونا باسم الوطناندفعت الدموع في عينيه..حجبت أمواج الملح صفاء الرؤية…….انهمرت أول قطرة فتمسك بحديد النافذة, و تدفق صراخا مرعبا…….تحت الشرفة المطلة على الشارع الرئيسي في المنطقة, التحمت الجموع الهائجة..ذلك الصندوق الخشبي يعبر الأمواج البحرية , والصيحات العالية والأصوات الجماعية, تشق القلوب وعباب بلاد كتمت صوتها عقودا طويلة..يدوي الصوت مقتحما الأمكنة ….تحيا الوحدة الوطنية……..عاشت سورية……..حرية وبس…….بالروح بالدم نفديك يا حماة..على الجنة رايحين…شهداء بالملايين..يلتقط أحمد أنفاسه بين الصرخة والصرخة, وكأنه يختزن عيون الجموع البشرية الموحدة في تشييع الشهيد, يختزن الصور, يتحد مع جدته التي تهيج النحيب بصوتها المتهدج…..فيصرخ كلما ندبت أو زغردت…..أمه ترتدي الألم والصمت كأنهما متلازمتان لا تنفكان أبدا بالنسبة لها…..أحمد الآن يتيم لأب شهيد في ساحة من ساحات التحرير….. تلون دماءه صباحا من صباحات وطن ولد ذات ثورة….على شرف جسده يعلن الوطن عهود الحرية ومواثيقها..وحول الجثمان يتجمع شهداء اليوم التالي ..أو الشهر التالي أو الجمعة التالية, وربما الساعة التالية..أو حتى بفارق زمني بين الصرخة والهتاف عمره لحظة….عند أقرب مفرزة للأمن يصبح شهيد البطش إرهابيا مجرما يستحق تلك الرصاصة في عينه, وأكثر….عند أول مبنى يرابض علي سطحه قناص يصبح كل من يتجرأ على الصرخة في مرمى رصاص الموت. والقاعدة اقتل منهم حتى يخاف الباقون…..هم يريدون أن تستمر دورة الذل, وحكايات الذبح بحق الإنسانية والإنسان…و شرارة الغضب في عيني الفتى الذي لبس ثياب اليتم عندما هاجمه الظلم مقنعا بزي الوطن..تقرر النهايات….وكيف سنترك الوطن خلف قضبان القمع..الصغير الذي تعلم بالكاد خط حروف اسمه …..يسرح في فضاء مأساة..فهو بالفطرة يدرك أن جدته المتكومة على الدموع, وأمه المسحوقة قهرا…ظل الله على حياته..
شكرا لك على مجهودك المميز