ساعة المستقبل لمحمد الماغوط من كتاب " سأخون وطني" ماذا فعل المواطن العربي لحكامة خلال أكثر من ثلاثين سنه حتى يعامل هذه المعاملة؟أعطاهم أولاده للحروبو عجائزه للدعاءو نساءه للزغاريدو كساءه لليافطاتو لقمته للمآدب و المؤتمراتو شرفاته و موطئ قدميه للمهرجانات و الخطابات.و طلب منهم نوعا واحدا من الحرية، و هو النوع المتعارف عليه في أبسط الدول المتحضرة، فأعطوه عشرين نوعا من الحرية لا يوجد لها مثيل لا في الدول المتحضرة ولا في الدول المتوحشة.و طلب منهم نوعا واحدا من الإشتراكية، و هو النوع المعمول به في معظم الدول الإشتراكية، فأعطوه خمسين نوعا من الإشتراكية إلا نوع المعمول به في الدول الإشتراكية.أعطاهم سبع دول عام 1949، لتوحيدها، فأعطوه بعد ثلاثين سنه 22 دولة لا يستيطع 22 بسمارك أن يوحد أنظمة السير فيها.و منذ ثلاثين سنه أعطاهم قضية ظريفة خفيفة كالفلة، تتمنى معظم الدول و الشعوب في ذلك الحين أن يكون عندها قضية مثلها، و هي قضية فلسطين، فأعطوه بالإضافة إليها: قضية لومومباو قضية فرج الله الحلوو قضية الشوافو قضية البرازاني و قضية بن بركهو قضية بن بللا و قضية بن عاشورو قضية عبد الحكيم عامرو قضية برلنتي عبد الحميدو قضية علي صبريو قضية خزنة عبد الناصرو قضية موسى الصدرو قضية جنبلاطو قضية سعد حدادو قضية أحمد الخطيبو قضية الخميني و قضية السادات.فماذا يتحمل هذا الإنسان لتحميل؟بمعنى أن ينام المواطن العربي على هم قديم، هذا لا يجوز، و أمر لا ترضاه لا أنظمة الحكم العربية، ولا دول عدم الإنحياز، ولا منظمة الوحده الآسيوية الأفريقية، ولا منظمة الصحة العالمية.المفروض كل يوم جديد، وهم جديد.و أن يعود المواطن إلى بيته في المساء و هو لا يحمل لعائلته و أطفاله أكلة جديدة أو ثيابا جديدة، بل قضية جديدة.و تقول إعلانات الدعاية أن ساعة أوريس التي تتحمل الصدمات هي ساعة المستقبل، قسما بالله ألف ساعة أوريس لا تتحمل في ثلاث سنوات الصدمات التي يتحملها المواطن العربي في ثلاث دقائق- و لذلك كل ما يلزمه هو قشاط جلد من عند الرأس و القدمين ليلفه الطيارون و رجال الأعمال حول معاصمهم، بإعتباره هو لا أحد سواه ساعة المستقبل.